مساحة إعلانية

     

 

    

  

الفيس بوك

ندوة نقدية وأدبية لتقديم ديوان الشاعر المختار السالم أحمد سالم

افتتحت جمعية التواصل الثقافي المغاربي موسمها للعام 2017 بندوة نقدية وأدبية خصصتها لتقديم ديوان  الشاعر المختار السالم أحمد سالم، ( البافور) الصاد عن ( دار القرنين) بانواكشوط، وذلك، يوم الخميس 20 من ربيع الثاني 1438 الموافق 19/01/2017  بمدرج المعهد العالي للدراسات والبحوث الإسلامية، ندوة أدبية ونقدية وانطلقت فعالياتها ابتداء من الخامسة والنصف مساء، وبحضور كبير من بعض الأساتذة الجامعيين وشخصيات علمية وثقافية جمهور علمي متنوع ضم بعض طلاب الدراسات العليا بالمعهد العالي وجامعة انواكشوط.

تمت إدارة الندوة من طرف د/ عبد السلام ولد حرمة عضو هيئة البحث في الجمعية، وتولى د/ أحمد دولة ولد محمد الأمين، أمين عام الجمعية، إعداد ورقة تعريفية بالديوان، وتم إعداد المحاضرة المخصصة لتقديم العمل من طرف د/ الزائر بدي ولد ابنو المقيم في أوربا منذ مدة من الزمن.

افتتح د عبد السلام ولد حرمة الندوة بالترحيب بالحاضرين لاهتمامهم بالدور الذي تسعى الجمعية إلى ان تضطلع به بإشراك المجتمع العلمي والأكاديمي في تشجيع الثقافة الجادة القائمة على النقد الرصين والإبداع  ومحاربة الميوعة وإفشاء قيم الحداثة المنسجمة مع رسالة الأمة وقيمها الروحية الحضارية، وخص بالشكر الدكتور بدي ولد ابنو الذي تكلف وقت وجهد السفر الى نواكشوط للمشاركة في الندوة، كما ذكر نماذج من عشرات الأطروحات الجامعية والكتب والأعمال التي سبق للجمعية ان قدمتها منذ تأسيسها 2005 إلى الآن.

حاولت ورقة الدكتور أحمد دولة تعريف الحاضرين بالديوان مبرزة أن طبعته الأولى جاءت في 110 صفحات من الحجم المتوسط، وشملت 32 نصا شعريا اعتمد فيها الشاعر قصيدة النثر، التي لا ترتبط  بوزن أو قافية، وهما علامتان رافقتا القصيدة العربية منذ نشأتها رغم استثناءات نادرة لم تلحظ في الحركة الإبداعية العربية على نحو من الكثافة والتواتر قبل حركة الشعر الحر التي ذكر الدكتور احمد دولة أن بداياتها كانت في سنة 1932 مع أسماء لم تعلن عن نفسها مخافة الرقيب حتى ظهور حركة الشعر الحر مع نازك الملائمكة والسياب بداية من 1945، وهي المرحلة التي مهدت لاحقا لقصيدة النثر التي غلبت ملامحها على نصوص ديوان البافور للمختار السالم.

الدكتور بدي ولد ابنو ركز في تناوله للديوان على الحداثة كمفهوم لكونها هي الخلفية التي تحكمت في الصياغة الابداعية لنصوص ديوان البافور، معتبرا أن الحداثة كمفهوم عاني من غموض والتباس ومحاولة تأميم من طرف الغرب الذي يسعى لمركزية حضوره ودوره في مختلف المفاهيم المعاصرة، كما حاول الدكتور بدي أن يزيل لبسا رافق مفهوم الحداثة في دائرة ثقافتنا العربية، وتحديد المرحلة التاريخية التي بدأت فيها وهو ما شوش إلى حد الآن على الجهود العلمية التي سعت لتحديد مضامينه وتركيباته وحدوده. فهل هو مرتبط بالزمن الحاضر، أم نسق من المفاهيم والتصورات الفكرية والفلسفية المفتوحة قوامه سعي لا ينقطع للكشف عن ماهية الوجود، وإشكاليات العصر التي تثقل على الوجود الإنساني وتضعه على الدوام أمام المحن والتساؤلات التي لا يستطيع الإجابة عليها إلا من امتلكوا موهبة التفكير وقوة الشعور، ومن هؤلاء يمكن أن نصنف الشاعر المختار السالم المغامر دائما وبلا هوادة في كل مرة نحو أفق جديد كما هو حاله مع  ديوان ( البافور) في عنوانه وطبيعة صياغته الإبداعية التي لابد أن صاحبها يبحر في موجات الحداثة رؤية ولغة وأسلوبا.

كان الأستاذ محمد ولد احظانا رئيس اتحاد الأدباء والكتاب الموريتانيين أول المتدخلين واعتبر تجربة المختار السالم من بين التجارب التي تؤكد أن شهاب النزوع إلى التجديد يشتعل داخل صاحبها ويفرض عليه ( التململ الدائم) سواء وفق أم لم يوفق، مع صعوبة الحكم على ذلك لأن مشكلة الإبداع هي أنه يخرج بأصحابه عن ضوابط التقويم المتعارف عليها،.

أما الدكتور عبد الله ولد السيد، مدير بيت الشعر في نواكشوط، فقد اعتبر ديوان ( البافور) من بين أعمال إبداعية تشي بقراءة صاحبها الواسعة واضطلاعه بمعارف وفيرة ونصوص كثيرة من عصور الشعر العربي المختلفة، مطالبا بضرورة تطهير ساحة الفكر العربي من مفاهيم تجاوزتها الحياة الانسانية تعطل العقل وتبدد كل إمكانيات التطور والإبداع فمن غير الممكن كما يرى أن نكون في زمن نحارب فيه بالطائرات والصواريخ المجنحة ويصدر فقهاؤنا ضمن فتاوى معاركهم المعاصرة بأن ( للرجل سهم وللحصان سهمان).

واستعرض ولد السيد رؤيته للحداثة في الشعر، مستدلا بواقع التجارب الشعرية، وأشار إلى أن من المصاعب التي عانى منها الشعر النثري هو ندرة الجيد منه وكثرة المقبلين على الضحل والغث منه، مؤكدا أن على الشاعر أن يلم بالشعر العربي بكل اوزانه ونظمه ومعاييره قبل أن يقفز على بون معرفي شاسع، ويبدأ هكذا كتابة أي شيء ويسميه شعرا نثريا.

ورأى ولد السيد أن من الملاحظات التي تسمع في كثير من المناطق العربية هي تقليدية الشعر الموريتاني، وبالتالي فإنه من المطلوب أن يخوض الشعراء تجارب حداثية تؤصل للسمعة التي تحظى بها البلاد في مجال فن الشعر.

كانت مداخلات واسئلة الجمهور متنوعة من بينها مداخلة الاستاذ ممو الخراش رئيس جمعية الإحياء للثقافة والفنون الذي وضع سؤالا محوريا على المحاضر وهو : ما هو التاريخ الذي بدات فيه حداثتنا العربية؟ قبل أن يفسح المجال للشاعر المختار السالم للحديث عن بعض الظروف والأزمنة الإبداعية التي مهدت لبعض رواياته ودواوينه الشعرية، وآخرها ديوان البافور الذي نفدت نسخه من دور النشر ولم تتمكن الجمعية من الحصول على أعداد منه تنظم بها فقرة  حفل توقيع نسخ منه كانت مقررة.

هذا ويشار إلى أن الخلاصة التي خرجت بها هذه الندوة الهامة بمضمونها وطبيعة ومستوى المحاضرين والمشاركين فيها هي أن الأدب الموريتاني أصبح بحاجة ماسة إلى اقتحام الحداثة وما بعد الحداثة ليواكب حركة الشعر العربي والعالمي، ولن يكون ذلك إلا باقتحام الشعراء الموريتانيين لآليات الحداثة وأبعادها الفكرية والفسلفية وتقنياتها التي تتجاوز النموذج والقالب الروتيني إلى ابتكار نموذجها الخاص مع الحفاظ على فنية الشعر ضمن المفهوم الحديث لهذا الفن، والذي يحتفظ بالشاعرية كصفة سامية على كل ما سواها من قوالب ونظريات.

 

جمعة, 20/01/2017 - 08:18