
يعتبر الشاعر نزار قباني من أكبر شعراء العرب المعاصرين الذين كتبوا في العشق و الحب و الوطن و الإنسان و الطبيعة و الجمال و السياسة والحرب و عن القضية الفلسطينية....،الخ
شكل شعره في حد ذاته مدرسة أدبية فريدة و حالة رائعة من نوعها لها سماتها الفنية الخاصة.
كان نزار قباني ولا زال ملهم الملحنين و مستفز حناجر المطربين ،فالجميع سعي و مازال يسعي للغناء بكلماته لأنه كان يحكي بشعره عن الكل ،فما من حب إلا وكرسه نزار شعريا و ما من حرب إلا وحكي عنها و ما من مدينة كتب عنها إلا و خلدها و ما من مناسبة في المحافل الثقافية إلا كانت كلماته حاضرة ،كلمات لا يمكن نسيانها و يصعب أن تذبل.
أختار الكثير من عمالقة و أساطرة الفن العربي تاريخيا الغناء بكلماته من أمثال نجاة الصغيرة
،فيروز ،ام كلثوم ، عبد الحليم حافظ .فايزة احمد و صولا إلي كاظم الساهر و لطيفة التونسية و غيرهم من الأجيال الصاعدة.
كان لكل فنان غني من قصائد نزار قباني قصة معه و بات لكل قصيدة مغناة بعدا آخر .
فعلي غرار هؤلاء الفنانين وغيرهم من عمالقة الطرب ،كان من البديهي والطبيعي أن تلقي قصائد نزار قبولا وتعاطيا واسعين لدي ثنائي الفن الموريتاني الأصيل المقتدر المخضرم سدوم و أيقونة الفن المرحومة ديمي و حضورا قويا و مؤثرا داخل بلد المليون شاعر بحكم معيار الذائقة الشعرية الفطرية الموريتانية و ما خلقت حينها من تفاعل لا إرادي مع المضمون و المقصود .
دعمه هذا التآلف و التناغم الحاصل بين قصائد شعره و مقامات الموسيقي التقليدية الموريتانية.
لا شك أن تعاطي و تفاعل الثنائي المقتدر سدوم ولد ايده و الفنانة المبدعة الراحلة المرحومة ديمي بنت آب ، مع شعر نزار قباني جاء بطريقة عفوية،
في حين شكلت قصائده المغناة نقطة تحول في أداء الثنائي سدوم و المرحومة ديمي دفع بهما نحو الشهرة و النجومية و التألق و الإبداع و النجاح في خلق جمهور خاص و متميز مما ساهم بشكل أو بآخر في انتشار روائع شعره داخل ربوع موريتانيا ،
و مكن من تجاوز حجم أداء مختلف الفنانين العرب من خلال أكبر قائمة قصائد نزار قباني مغناة علي الإطلاق من طرف الثنائي البارز ،
أسس لعصر ذهبي ظل شعر نزار حاضرا في جزئياته تميز بتجاوب و تعاط الجميع مع محتواه الشعري و الفني الهادئ و الملتزم موسيقيا .
مسار أرتبط به الموريتانيون أيما ارتباط و شكلوا جزءا من تفاصيله الدقيقة من خلال الإنسجام التام مع حالات الإستماع لسلسلة الأشرطة الغنائية المتباينة للثنائي سدوم و ديمي أمثال : البهتان ، الغرام ، الدعاية ، عيد المولود ، تموز ، سفر سعيد ،الرباط ،....الخ.
كلمات و أنغام ذات إيقاع هادف و دلالات عميقة تثير الشجون و الذكريات و تعبر عن الحنين الي الماضي ،
كرست لقيم التعايش و التسامح و عززت من إتساع معانيها النبيلة داخل المجتمع رغم بساطة الحياة و ضعف الإمكانيات قبل طغيان المادة و انتشار عولمة عارمة غزت البيوت و أستباحت الأعراض و كشفت المستور .
شعر هادف و غناء هادئ وجد كثيرا من أصداء القبول و الإمتنان داخل الأوساط الإجتماعية الموريتانية أنذاك و أثار في النفوس مشاعر مختلطة ما بين السعادة و الألم و الشجون والحزن .
هي حنين إلي الأشخاص الذين فقدناهم إلي الأماكن الخالية إلي أيام الطفولة البريئة إلي أصدقاء الزمن الجميل إلي العلاقات الإجتماعية القوية إلي بساطة الحياة و إلي التفاصيل الصغيرة.
قد يكون الحنين إلي أنفسنا شكلنا ملامحنا أعمارنا و أحلامنا التي طوتها عاديات الدهر .
الأمر الذي ربما يجعلنا نشعر بجماليات الأشياء بعد انقضائها أكثر من من استشعارها أثناء اللحظة في زمانها و مكانها.
مما شكل لاحقا هاجس حنين و ذكريات للزمن الجميل .
كلما كانت الفرصة متاحة و مناسبة لسماع هكذا مقطع غنائي عابر جسدته لحظة تاريخية من شعر قصائد نزار و صوت غنائي شجي لسدوم و المرحومة ديمي.
تجد البعض وبكل عفوية يقوم بإعادة تكرار أصداء كلمات القصيدة الشعرية علي نفس النسق والنغم و كأنه في حالة محاكاة وتقليد بدوافع الشوق و الإرتهان الي الماضي.
في الوقت الذي مازالت فيه تلك الإبداعات الأصيلة و الأغاني الخالدة للثنائي الموريتاني تفرض سيطرتها علي آذان المتلقي والمستمع داخل مجتمع البيظان في ربوع موريتانيا و تخوم و محيط الصحراء الكبري .
و تشكل مصدر سعادة و فرح و هناء و فخر لكل فرد من المجتمع أينما حل و أرتحل .
حيث ساهم أداءهما الغنائي الممزوج و المغني بشعر نزار قباني في رسم لوحة صوتية تحكي صداء الماضي و تنقل الحاضر إلي آفاق المستقبل.
إنها بالتأكيد نفحات إبداع خالدة لثنائي أكثر من رائع قل نظيره داخل الوطن سوف لن يتكرر إطلاقا داخل الوسط الفني لمجتمع البيظان .
في حين نلاحظ حاليا داخل المشهد الفني شبه قطيعة مع شعر نزار قباني وغيره من شعراء الوطن في ظل إنهيار وتلاشي القيم المجتمعية و ضياع الأخلاق و تراجع الأغنية التقليدية الهادئة و الهادفة و صعود الأغنية الصاخبة و الساقطة في الوقت الذي تصدر فيه التافهون و الحاقدون المشهد الوطني و أعتادوا فيه علي نشر و إشاعة الكراهية و التمزيق المجتمعي .
طابت أوقاتكم.
اباي ولد اداعة.
: للمرة العشرين ِ ..... كـَرَّرْتـَها ..
"هل في حياتي رَجُلٌ آخرُ ؟؟"
نعمْ ..نعمْ .. فهلْ تـَصَوَرْتـَني ..
مقبرة ٌ ليسَ لها زائرُ
ما أكثرَ الرجالَ .. ياسيّدي ..
لا روضة ً إلا لها طائرُ
تجربة ً كانتْ .. وها إنني ..
نجوتُ من سِحركَ يا ساحرُ
شـُفيتُ مِن ضَعفي ومِن طيبتي ..
فطيبة ُالنفس ِ لها آخرُ
تـُحِبـُني !! لـَيْتـَكَ ما قـُلتـَها ..
هذا حديثٌ غابرٌ..غابرُ
منذ ُ متى ؟ أصبَحْتَ تـَهْـتـَمُ بي ..
منذ ُ متى هذا الهوى الغامرُ ؟
هَلْ كُنتُ إلا مقعداً مهملاً ..
يضمُهُ أثاثـُكَ الفاخِرُ؟
مزرعـَة ً نـَهَبْتَ خـَيْراتـَها ..
لا ذمة ً تـنهي ولا زاجرُ
ترنو إلى مفاتِني مِثلما ..
يرنو إلى أموالِهِ التاجرُ
يا أيُها الباكي على مُلكِهِ ..
لقد تداعى ملكُكَ الزاهرُ
حسابيَ القديمُ .. صفيتـُه ..
بلحظةٍ . فمن بنا الخاسرُ ؟
كانـَتْ لـَكَ الجنـّاتُ مفتوحة ً..
ثمارُها .. وعشبُها الناضرُ
واليومُ .. لا نارٌ ولا جنة ٌ ..
هذا جزاءُ الكفر ِ يا كافرُ
لو كنتَ إنساناً معي مرة ً ..
ما كان هذا الرجلُ الآخرُ
من روائع قصائد شعر نزار قباني.