مساحة إعلانية

     

  

    

  

الفيس بوك

الحاج المشري: أمة في خدمة الأمة/ بقلم: الشيخ التيجاني آب السيد

في أيامٍ مضيئةٍ بنور الروح، حالمةٍ بنفحات السكينة، كنت في زيارة مباركة إلى ولايتي آدرار وإنشيري. كانت رحلةً روحانيةً بامتياز، من تلك الرحلات التي لا يكتبها القدر إلا لمن شاء الله له أن يتنفس من طُهر المكان وبركة الإنسان.

مررنا خلالها بمواضع كأنها آيات من نور: اكراع الشرفه، أهل الشيخ ولد بكار، لكليتات، المداح، تونكاد، عين أهل الطابع، وأطار واكجوجت. في كل محطةٍ، كنا محل تبجيل وتكريم من أهل الكرم والدين، جزاهم الله عنا خير الجزاء.

لكن ما خُلّد في الذاكرة أكثر من الطريق، هو سيدي : الحاج المشري. رجلٌ إن نُودِي باسمه، أجابت أمة؛ وإن سُئل عن همه، قال: "خدمة القرآن". إنه لا ينظر إلى المناصب ولا يفتش عن الألقاب، بل نذر نفسه لما هو أرفع من كل ذلك: تربية جيلٍ قرآني، متسلحٍ بالمعرفة، منضبطٍ بالسُّنَّة، ومُتوجهٍ نحو البناء.

في طيات الرحلة، عرض الحاج فكرة أسماها "المحظرة الإعدادية"، فكرة تجمع بين حفظ القرآن الكريم كمرتكز أساسي، وتعليم العلوم الدنيوية الحديثة بوصفها أدوات فهمٍ وإعمار. لا يُقصي أحدُ الجانبين الآخر، بل يتكاملان كما يتكامل الجسد والروح. خلافاً للمدارس العصرية التي تهمل القرآن، أو المحاظر التقليدية التي تغفل عن متطلبات العصر، جاءت فكرة الحاج كجسرٍ بين الأصالة والمعاصرة.

وقد لاقت الفكرة قبولاً واسعاً، واستحساناً عند الشيوخ والمهتمين الذين التقينا بهم، وتم التنسيق فعلاً مع بعض المحاظر في مدينتي أطار واكجوجت. فإذا كتب الله لها النجاح كما يُخطط لها الحاج، فسيُبعث جيلٌ جديدٌ من الشباب: حافظٌ للقرآن، فاهمٌ للعلوم، خادمٌ للأمة.

الحاج المشري لا يبني مدرسة، بل يبني أمة؛ لا يخرج طلاباً فحسب، بل يزرع فيهم رسالة.

ندعو الله أن يبارك في جهده، ويعلي شأن فكرته، ويجعلها صدقةً جاريةً لا تنقطع.

فالحاج ليس فردًا، بل أمة تمشي على قدمين، تحمل كتاب الله في قلبها، وعزيمة الأمة في كفّيها. فتبارك اللھ احسن الخالقين

اللهم أدمه لنا نورًا فالأمة إليه محتاجة

أحد, 27/07/2025 - 07:10