
منذ تولّيه رئاسة قسم حزب الإنصاف بمقاطعة الرياض في نواكشوط الجنوبية، نجح الشيخ باي (الشيخ باي بون عمر لي) في بناء رصيد سياسي متماسك، قائم على تنظيم قاعدي فعّال، وخطاب تعبوي ذي جاذبية، وحضور ميداني دائم. وقد عزّز هذه الدينامية من خلال شراكات مع المنتخبين المحليين، ودورٍ محوري للنساء، إضافة إلى انفتاحه على الشباب والأطر الصاعدة، ما جعله اليوم أحد أبرز الوجوه الحزبية القادرة على تحويل رأس المال الاجتماعي في الرياض إلى مكاسب انتخابية ملموسة في الاستحقاقات المقبلة—سواء داخل الحزب أو على مستوى البلديات والمجالس الجهوية.
أولاً: ما الذي يميّز ماكينة الشيخ باي التنظيمية؟
تراكم الفعاليات لا الصور: خلال الأشهر الماضية، نظم قسم الإنصاف بالرياض ندوات وتجمعات حملت عناوين خدمية وقيمية (“الحكامة الرشيدة”، “السياحة الداخلية: صلة وتنمية”)، ما أضفى على العمل الحزبي بعداً مجتمعياً يتجاوز الخطاب الانتخابي المباشر، ويوسّع دائرة الحضور.
استثمار في النساء والأحياء الهشّة: الفعاليات التي قادتها مناضلات الحزب، وحجم الحضور النسوي اللافت، شكّل رصيداً انتخابياً موثوقاً، خاصة في أحياء الرياض ذات الكثافة السكانية العالية، حيث تعمل الشبكات العائلية والنسوية كمضاعف تعبوي.
الرهان على الأطر والشباب: الشيخ باي فتح مساحات متزايدة أمام الكفاءات الشابة، عبر تشجيعهم على المشاركة في النقاشات وتقديم أوراق عمل داخل الأنشطة الحزبية، بما يعزز ثقة القاعدة في أن الحزب منصّة للتأطير لا للتلقين.
شراكة مع المنتخبين والقيادات الحزبية: مشاركة عمد ومستشارين ونواب في أنشطة القسم تؤكد أن عمله ليس معزولاً، بل موصول بالهرم الحزبي، ما يسهّل الانتقال من “الزخم” إلى “الترشيح”.
ثانياً: الرياض… ساحة اختبار كبرى
الرياض ليست مجرد دائرة انتخابية في العاصمة؛ بل هي مختبر السياسات الاجتماعية ومقياس لشعبية السلطة. فقد استقطبت المقاطعة خلال العامين الماضيين برامج رسمية متعددة (مياه، صرف صحي، مشاريع استعجالية)، مما رفع من وزنها الانتخابي والإعلامي. ومن يفهم لغة الساكنة—خدمات، فرص، نظافة، أمن—يمتلك أفضلية واضحة في المنافسة.
ثالثاً: سجلّ أداء سياسي “قابل للتحويل”
انسجام مع الخطاب الوطني: اختيار عناوين مثل “الحكامة” أو “السياحة الداخلية” يعكس انضباطاً مع خطاب الحزب المركزي، ويمنح الشيخ باي نقاط قوة عند ترتيب الترشيحات.
الملفات الاجتماعية الساخنة: إدراج قضايا كالمخدرات أو الهجرة غير النظامية في الأنشطة الحزبية يقدّم صورة “المُيسِّر” بين هموم الساكنة وخطاب القيادة، لا مجرد منظّم مهرجانات.
إبراز الأطر الشابة: جعل الشباب جزءاً من الحلول المقترحة والبرامج المحلية يكسبه شرعية مضافة، ويعيد ثقة جيل كامل بالحزب.
الخلاصة: أفضلية القاعدة مع هواء داعم
يمتلك الشيخ باي اليوم ما يفتقده كثير من منافسيه: ماكينة قاعدية نشطة، رأسمال اجتماعي قوي (نسوي، شبابي، أهلي)، وصلات عمودية مع القيادة الحزبية. وإذا واصل الاستثمار في الأطر والشباب، وحافظ على الطابع الخِدمي للفعاليات، فإن فرص صعوده—بلدياً وجهوياً وحزبياً—تظل مفتوحة على مصراعيها.
إن دينامية الرياض كساحة اختبار للبرامج الوطنية تمنحه “هواءً داعماً” إضافياً، ويبقى التحدي الحقيقي في قدرته على ترجمة هذا الزخم الميداني إلى مكاسب انتخابية على الورقة، لا مجرد صدى على المنصة.