
#تدوينات/ الأطلسية تي في Alatlasiya Tv
تعد الكفاءات الوطنية الشابة اليوم إحدى الركائز الجوهرية في مسيرة الإصلاح الإداري والتنموي، إذ تمثل الطاقة الحية التي يمكن أن تعيد الثقة في مؤسسات الدولة، وتمنح العمل العمومي روحا جديدة قوامها الإخلاص والفعالية.
ومن أهم هذه الكفاءات التي أثبتت حضورها وكفاءتها الميدانية، يبرز اسم الإطار ناصر ولد أحمد خليفه، الذي شكل نموذجا حيا لما يمكن أن يقدمه الشباب حين تمنح لهم الفرصة، وحين يناط بهم تسيير القطاعات الحيوية بروح المسؤولية الوطنية.
لقد تولى هذا الإطار الشاب إدارة المكتب الجهوي للشركة الوطنية للمياه بمدينة نواذيبو في ظرفية دقيقة وحساسة، كانت فيها المدينة تعاني أزمة عطش خانقة، نتيجة تراجع نسبة المياه الواصلة إلى المخزون المركزي وسوء تسيير المتاح منها.
وكان الموقف صعبا، والمدينة على حافة التذمر الاجتماعي، غير أن ناصر ولد أحمد خليفه واجه هذا الوضع بروح ميدانية وواقعية عالية، بعيدا عن التبرير والشكوى، مستندا إلى رؤية عملية واضحة قوامها إعادة توجيه الموارد وتحديد الأولويات.
فقد بادر منذ الأيام الأولى لتوليه المهمة إلى تصحيح مسار توزيع المياه، فحول القسم الأكبر من الطاقة المائية نحو الأحياء السكنية التي كانت تعاني العطش، بعد أن كانت الحصة الكبرى توجه إلى مصانع دقيق السمك.
وكان ذلك القرار الجريء بمثابة نقطة التحول التي أعادت الحياة إلى المدينة، وأظهرت أن الخدمة العمومية يمكن أن تكون عادلة وفعالة حين يضبطها ضمير حيّ وإدارة رشيدة.
ولم تتوقف جهوده عند هذا الحد، حيث أشرف على سلسلة من الإصلاحات الفنية والإدارية التي استهدفت تحسين كفاءة الشبكات، وضبط العدادات، وترشيد الاستهلاك، مما مكن من تحقيق استقرار مائي غير مسبوق في نواذيبو، فاستعاد المواطن ثقته بالمؤسسة العمومية، وشعر لأول مرة أن الماء حق لا منة فيه، وأن الدولة يمكن أن تدار بعقل شاب ومسؤول.
وبعد نجاحه في نواذيبو، أُوكلت إليه مهمة أخرى في العاصمة نواكشوط، في سياق لا يقل تعقيدا عن سابقه، حيث واجه التحدي ذاته: شح المياه واختلال التوزيع بين الأحياء.
وبالنهج نفسه من الجدية والانضباط، واصل ناصر ولد أحمد خليفه عمله بصمت وإصرار، فباشر خطة إصلاحية أعادت التوازن إلى عملية التوزيع، وأتاحت وصول المياه الصالحة للشرب إلى مناطق كانت تعاني الإقصاء المائي منذ سنوات.
وهكذا بدأت أحياء العاصمة تتنفس الصعداء، وبدأ المواطنون يشعرون بأن أيادِ وطنية خالصة تمسك بزمام هذا القطاع الحيوي.
إن ما قدمه هذا الإطار الشاب من إنجازات ملموسة هي نموذج لإدارة الإصلاح بوصفها مسؤولية أخلاقية قبل أن تكون وظيفة بيروقراطية.
لقد برهن ولد أحمد خليفة أن الكفاءة الوطنية حين تتولى المسؤولية، فإنها تصنع الفرق، وتحول الإمكانيات المحدودة إلى نتائج باهرة، إذا ما اقترنت الإرادة بالخبرة، والعلم بالنزاهة.
ومن هذا المنطلق، فإن تعيين ناصر ولد أحمد خليفه في منصب ريادي، في هذه الوزارة سيكون خطوة في سبيل ترسيخ ثقافة الاعتماد على الكفاءات الحقيقية في تسيير القطاعات المصيرية، وعلى رأسها هذا القطاع الحيوي، الذي يمثل عصب الحياة، وأساس التنمية والاستقرار الاجتماعي.
إن بلادنا، وهي تخطو نحو مستقبل واعد، تحتاج إلى رجال من طراز هذا الإطار الوطني الشاب، ممن يجمعون بين روح الخدمة العامة، والقدرة على التسيير، والالتزام الصادق بمصلحة المواطن.
فبمثل هؤلاء تبنى الدولة الحديثة، وترتقي الخدمة العمومية، وتصان كرامة الإنسان.