مساحة إعلانية

     

  

    

  

الفيس بوك

رسالة مفتوحة إلى الرئيس محمد ولد الغزواني من الدكتور الشيخ محمد الحافظ محمد مختار دهاه

رسالة موجهة إلى فخامة رئيس الجمهورية

 

الموضوع: من أجل إدماج أمثل للتغذية في إطار نظام “الميزانية المبنية على البرامج”

 

 

فخامة رئيس الجمهورية،

 

في سنة 2019 تشرفتُ بتكليفٍ من منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) لمساندة جمهورية كوت ديفوار في تعزيز إدماج التغذية ضمن سياساتها الوطنية أثناء انتقالها إلى نظام الميزانية المبنية على البرامج الذي بدأ تطبيقه سنة 2020.

وقد مكّنتني تلك التجربة من الوقوف عن قرب على الأثر الكبير الذي يُحدثه إدماج التغذية بفعالية في الإطار المالي الوطني، سواء من حيث تحسين كفاءة السياسات العمومية أو تعزيز التنسيق المؤسسي أو ضمان استدامة التمويلات.

 

واليوم، تستعد الجمهورية الإسلامية الموريتانية لاعتماد هذا النظام المالي الحديث ابتداءً من عام 2026، في خطوة إصلاحية بالغة الأهمية تهدف إلى تحديث الإدارة العمومية ورفع مستوى الشفافية والنجاعة في تسيير المال العام.

غير أن هذا التحول، رغم أهميته، قد يحمل في طياته مخاطر حقيقية على القضايا المتقاطعة بين القطاعات مثل التغذية، إذا لم تُتخذ منذ البداية الترتيبات المؤسسية والمالية الكفيلة بحمايتها.

 

ذلك أن القضايا المتعددة القطاعات — كالتغذية، والحماية الاجتماعية، والمساواة بين الجنسين — تتوزع مسؤولياتها بين وزارات مختلفة، ما يجعلها عرضة لفقدان وضوحها المؤسسي والبرنامجي داخل نظامٍ يركّز على الأداء القطاعي، وبالتالي فقدان فرصها في التمويل الوطني المنتظم.

وهذا بدوره قد يؤثر على رأس المال البشري ويُبطئ وتيرة التنمية الاقتصادية والاجتماعية على المدى الطويل.

 

ولتفادي هذا الخطر وضمان استفادة بلادنا من هذه الإصلاحات الكبرى، أقترح — بكل احترام — اعتماد ثلاث آليات أساسية:

1. إدراج بند وطني دائم للتغذية ضمن الميزانية العامة؛

2. إنشاء آلية وطنية لتتبع التمويل متعدد القطاعات؛

3. ضمان حدٍّ أدنى من الموارد للبرامج الأساسية في مجالات الصحة، والأمن الغذائي، وتنمية الطفولة المبكرة.

 

فخامة رئيس الجمهورية،

انطلاقًا من تقديري الكبير لاهتمامكم الشخصي والمتواصل بقضية التغذية باعتبارها رافعة للتنمية البشرية والاقتصادية، أرفع إلى مقامكم الكريم هذا النداء الوطني الصادق، آملاً أن تكون موريتانيا في طليعة الدول الإفريقية التي نجحت في ترسيخ التغذية في صميم سياساتها وميزانيتها العامة، وجعلها ركيزة أساسية في مسارها التنموي.

 

إن نجاح الميزانية المبنية على البرامج لا يُقاس فقط بحسن توزيع الموارد، بل بقدرتها على تجسيد الأولويات الوطنية في شكل نتائج ملموسة ومستدامة، وفي مقدمتها التغذية بما تمثله من استثمار في الإنسان وفي مستقبل الوطن.

 

وتفضلوا، فخامة الرئيس، بقبول أسمى عبارات التقدير والاحترام.

 

الأستاذ الدكتور الشيخ محمد الحافظ محمد مختار دهاه

أستاذ جامعي 

الخبير الدولي في التغذية والصحة العمومية

أحد, 02/11/2025 - 12:58