
شكل القرار الأخير لمجلس الأمن بخصوص قضية الصحراء صفحة جديدة في مسار تسوية النزاع الذي يعود لأكثر من نصف قرن، إذ اعتمد المجلس الأممي مقترح الحكم الذاتي الذي قدمته المملكة المغربية الى الأمم المتحدة سنة 2007، باعتباره الحل الأنجع والأساس الوحيد للمفاوضات التي ترعاها حصريا منظمة الأمم المتحدة.
وصوت مجلس الأمن لصالح المبادرة المغربية، ب 11 صوت من أصل 15 دولة الأعضاء بمجلس الأمن، دون تسجيل أي صوت رافض للقرار، وهو ما يعد انتصارا كبيرا للدبلوماسية المغربية، وللرؤية الثاقبة والمتبصرة لعاهل البلاد، الملك محمد السادس.
ان نجاح المغرب في اقناع المجتمع الدولي بعدالة قضيته وبطرحه لحل هذه القضية التي عمرت أكثر من خمسين سنة، في إطار الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية هو تجسيد لحقيقة بات العالم أجمع يدركها، إذ أن ثلثي أعضاء الأمم المتحدة، وعلى رأسها دول عظمى كالولايات المتحدة والمملكة المتحدة وفرنسا، تعتبر مبادرة الحكم الذاتي الأساس الوحيد لتسوية هذا النزاع.
ويعد هذا النجاح ثمرة جهود لصبر وثبات الملك محمد السادس، وللنهج الذي سار عليه في إطار الواقعية والشرعية، وللجرأة في اتخاذ القرارات وابتكار حلول شجاعة بعيدة عن المواقف الجامدة.
ان الدبلوماسية الملكية الاستباقية، المبنية على الفهم الرصين والتحليل العميق للتحوّلات الجيوسياسية ، استطاعت حلحلة قضية الصحراء المغربية في إطار احترام القانون الدولي والشرعية الأممية.
لقد بات واضحا اليوم أن التدبير الذي نهجه المغرب في حل قضية الصحراء لم يقتصر على العمل الدبلوماسي وحشد الدعم الدولي فحسب، بل صاحبه العمل الميداني من خلال إطلاق النموذج التنموي الخاص بالأقاليم الجنوبية، الذي حول مدن الصحراء الى واجهة للتنمية والاستقرار وبوابة استراتيجية للمغرب نحو عمقه الافريقي.
لقد أضحت الصحراء بفضل الاهتمام الكبير الذي يوليه عاهل البلاد، مركزا للنهضة المتكاملة التي جعلت من الصحراويين أساس التنمية، من خلال استثمارات هيكلية مست العديد من المجالات، على غرار البنية التحتية، والطاقات المتجددة، والخدمات اللوجستية، والصيد البحري، والتعليم، والصحة.
إن أقل الواجب اليوم على قادة دول المغرب العربي هو أن يستثمروا هذا القرار التاريخي في الدفع نحو وحدة مغاربية حقيقية لا غالب فيها ولا مغلوب، بل الكل فيها رابح ومنتصر، وحدة تجعل من التكامل الاقتصادي والعمل الأخوي رافعة تحقيق التقدم والازدهار للشعوب، وتطوي صفحة الماضي بكل ما فيه، وتفتح صفحة جديدة عنوانها المصالحة والمصارحة والتطلع بتفاؤل وأمل نحو المستقبل.


.gif)
.jpg)


.jpg)