مساحة إعلانية

     

  

    

  

الفيس بوك

خيار المواطنة....جوهر الرؤية ومسار التحول/بقلم: أحمد عيسى اليدالي

في امبيكت لحواش، كما في وادان وتيشيت وجول، كما في نواكشوط فاتح مارس 2019، ظل فخامة رئيس الجمهورية يذكّر الموريتانيين بأن بناء الدولة لا يتحقق بالخطابات ولا بالولاءات الضيقة، بل بخيارٍ واحد لا بديل عنه: خيار المواطنة.
وفي خطابه بهذه المدينة ذات الأهمية الاستراتيجية الكبيرة، عاد فخامته ليؤكد، بوضوح وهدوء، أن مستقبل موريتانيا مرهون بقدرتها على تجاوز الإرث القبلي والسياسي الذي كبّل مسارها لعقود.

لقد كانت تصريحات صاحب الفخامة في امبيكت لحواش إعلانًا متجدّدًا عن رؤيته للدولة، التي لا مكان فيها للمحاصصة ولا للانتماءات المتقوقعة، بل للجدارة والكفاءة والإخلاص للوطن.
ففي وقتٍ يترسّخ فيه خطاب الانتماءات الضيقة في كثير من الدول، يصرّ فخامة الرئيس على عكس الاتجاه، ساعيًا إلى ترسيخ وعيٍ وطني جديد يضع المواطنة فوق القبيلة، والدولة فوق الولاءات الجزئية.
لم يتردّد فخامته في القول إن أخطر ما يواجه المجتمع هو النفس القبلي الذي يضعف روح الدولة ويقزّم مفهوم الانتماء.
إنها مواجهة فكرية وأخلاقية عميقة، لا تقلّ أهمية عن معارك التنمية، لأنها تستهدف إعادة تشكيل الوعي الجمعي، وتحريره من سطوة الماضي نحو فضاءٍ أرحب من العدالة والمساواة.
وهذا الخطاب، الذي بدا هادئًا، يخفي وراءه تحولًا مجتمعياً متدرجًا يقوده فخامة الرئيس بحكمة وواقعية.
منذ خطابه في وادان، ثم في تيشيت، وجول، وقبل ذلك في معظم خطاباته منذ إعلان ترشحه مطلع مارس 2019، ظلّ فخامته يوجّه رسائل متكررة ضد منطق المحاصصة السياسية الذي كرّس التشرذم وأضعف روح الدولة.
فلا يمكن لدولةٍ تطمح إلى التقدّم أن تُدار بمنطق تقاسم الغنائم، أو تُقاس الكفاءة فيها بعدد المقاعد أو التوازنات القبلية.
ذلك ما يجعل رؤية فخامة الرئيس أكثر عمقًا: فهي تسعى لتغيير الواقع، عبر ترسيخ دولة الفرص المتكافئة ودولة المؤسسات.
التحول الذي تعيشه البلاد اليوم  متدرج وواثق.
وهذا التحول الهادئ هو ما يميز عهد فخامة الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني؛ فهو يخوض معركة من أجل الجميع، تحت راية واحدة: راية الوطن.
لقد عبّر فخامة الرئيس، في امبيكت لحواش، عن قناعته بأن المواطنة هي الخيار الوحيد أمام البلاد.
إن ما يُبنى اليوم من وعيٍ جديد يفتح أمام موريتانيا أفقًا رحبًا لدولةٍ يسود فيها القانون، وتُكرَّم فيها الكفاءة، ويُحترم فيها الإنسان دون اعتبار لانتماءات ضيقة.
ان هذا الخطاب يشكل تكاملا مع البرنامج التنموي الكبير الذي أطلقه فخامة رئيس الجمهورية من مدينة النعمة بتمويلٍ قدره 260 مليار أوقية؛ إذ يجسّد هذا البرنامج رؤية الدولة في جعل التنمية شاملةً وعادلة، تصل إلى كل مواطن بصرف النظر عن انتمائه أو موقعه الجغرافي. فهو مشروع وطني بامتياز، يجعل من الإنصاف الاجتماعي الركيزة الأولى لبناء دولةٍ يتساوى فيها الجميع في الحق والفرصة والمصير.
 

أحد, 09/11/2025 - 18:34