مساحة إعلانية

     

  

    

  

الفيس بوك

زعيم حركة "إيرا" يتهم نظام غزواني بالتضييق على أحزاب وحركات حقوقية

أعلن النائب البرلماني بيرام ولد اعبيد زعيم حركة "إيرا"، أنه سيعود إلى موريتانيا يوم العاشر دجمبر المقبل.

وقال في خطاب ألقاه أمام منتدى حقوق الأقليات التابع للأمم المتحدة في جنيف حول: "وضع حقوق الشعوب في صميم بناء السلام والعدالة الانتقالية"، قائلا: "أشكركِ سيادة الرئيسة، وأحيّي السادة الحضور الكرام.

منذ خمسة عشر عامًا، جئتُ إلى هذا المكان، أجوب مكاتب المفوضية السامية ومجلس حقوق الإنسان التابعَين للأمم المتحدة. حينها، عرضتُ أبعاد أزمة التعايش بين المكوّنات الوطنية والثقافية في موريتانيا، وركّزتُ على الصعوبات التي يواجهها شعب الحراطين، أحفاد ضحايا قرون من العبودية، في التمتع بالمواطنة في ظل الدولة الحديثة. لقد خضنا النضال لتحقيق ذلك، مستندين إلى القيم الكونية للأمم المتحدة، وإلى نهج اللاعنف واحترام الشرعية الدولية.

زملائي الأعزاء، إن بلدي يمارس ويطبّع التمييز والجرائم المرتَكبة بلا عقاب ضد المواطنين و خاصة المواطنين من أصول إفريقية جنوب الصحراء. فإلى جانب العنصرية، والإقصاء الاقتصادي، والقيود على ممارسة الحقوق السياسية التي تمسّ خصوصًا الحراطين، هناك عقوبة جماعية تطال الشعب بأكمله وتعلّق مشاركته الكاملة في الحياة الديمقراطية: إنها نهب الثروات الطبيعية، والاستيلاء على المال العام، وسلب الأراضي الزراعية و الإحتواء على الأراضي السكنية، والفساد، والقبلية، والتزوير واستعماله في إدارة الدولة وتوزيع ثمار التعاون الدولي.

في موريتانيا، تتيح آليات الاحتكار التفضيلي إبطال مفعول القوانين، وشراء ذمم الناخبين، وإبقاء أغلبية الشعب تحت وطأة رأس مال ذي طابع إثني احتكاري و أصل إجرامي. هذا الشكل من الهيمنة، الذي لا يعتمد دائمًا على القمع المباشر، وصفه أنطونيو غرامشي بدقة في كتاباته حول صناعة الرأي. ولا يشذّ الواقع الموريتاني عن ملاحظاته النيّرة، لولا أنّ القائمين على هذا الوضع والمستفيدين منه لا يترددون، عند الحاجة، في السجن والتعذيب والإيذاء والقتل، مبرّرين ذلك دائمًا بذرائع "حفظ النظام".

إن الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للأغلبية محصورة في اقتصاد البقاء، فتتجمّد بدل أن تتطوّر، ثم تتراجع. والتاريخ يعلّمنا أنّه عندما يُتجاوز الحدّ الممكن تحمّله، تصبح الثورة أو الحرب، بوصفهما تفريغًا للإحباط، احتمالًا قائمًا، بل ضرورة أحيانًا. نعم، إن سوء الحوكمة يُفقِر الشعوب، لكنه قبل ذلك يدفعها إلى اليأس، واليأس لا يلد سلامًا.

ومع ذلك، يفضّل النظام الموريتاني، بدل استشعار الخطر والوقاية منه، اضطهاد المدافعين عن المساواة والحرية، ووصمهم بأنهم "عنصريون، عنيفون، يُحرّكهم جيران موريتانيا من الدول الإفريقية السوداء، أو الغرب، أو الصهيونية". وهذه ليست انزلاقات ظرفية، بل خطاب راسخ يعمّق الانقسامات داخل المجتمع من أجل إعادة إنتاج نفسه عبر الخوف من الغد.

وهكذا تُمنَع المنظمات غير الحكومية ذات السمعة الدولية، أو تُشيطن، بينما تُقصى أحزاب مثل "الراك"، و"قوى التقدّم"، و"دكالم"، و"ضمير و مقاومة"، من الشرعية، فتُدفَع خارج ساحة المنافسة الفكرية والسياسية. وقد كرّس قانون جديد لتنظيم الحقل السياسي هذا الإغلاق، مُحصرًا إياه في الأحزاب المروّضة. فأصبح الانتماء إلى المكوّن العربي–البربري معيارًا فعليًا للاعتراف بالحزب من طرف وزارة الداخلية. أما الساخطون فعليهم الامتثال للقواعد.

أما أنا، بيرام الداه اعبيد، الحاصل على عدة جوائز مرموقة من هيئات مشهود لها بالنزاهة و الحياد، من بينها جائزة الأمم المتحدة في مجال حقوق الإنسان، فيصوّرني النظام ويعاملني كعدوّ داخلي، وكـ"مشعِل نيران" في خدمة الماسونية واليهود. لذلك، فهو يرى أنّ السجون أو المنفى وحدهما ما أستحقه. لكنني قررت البقاء، وقد خبرتني الزنازين الضيقة وغير الصحية.

في العاشر من ديسمبر المقبل، سأعود إلى موريتانيا. وأطلب منكم أن تحكموا بأنفسكم على الاستقبال الذي سيُخصّص لي!

خميس, 27/11/2025 - 12:50