مساحة إعلانية

     

  

    

  

الفيس بوك

مناهضة و محارية العبودية ضرورة تمليها القيم و يفرضها التعايش الأهلي و تؤطرها القوانين و التشريعات/ بقلم: اباي ولد اداعة

يصادف 2 من دجمبر من كل سنة اليوم الدولي لإلغاء الرق ،تاريخ إعتماد الأمم المتحدة لإتفاقية تتعلق بمكافحة الإتجار بالأشخاص و إستغلال بغاء الغير ،و التي صدرت 1949م .
كما أن هذا اليوم فرصة للتذكير بمخاطر هذه الظاهرة و دعوة لتضافر جهود الجميع من أجل إستئصال و إجتثاث ممارسة العبودية علي نحو ينصف الضحايا و يغير العقليات المتجذرة حولها .
لاشك أن المجتمع الموريتاني بمختلف مكوناته الشرائحية و بحكم بعده العربي والإفريقي يتقاطع تاريخيا و صيروريا في جملة من العادات و التقاليد و الظواهر و الممارسات الإجتماعية و الثقافية  .
لا يمكن لأي كان نكرانها أو تجاهلها،
و إن كانت تتفاوت في أبعادها الإجتماعية و حجم أشكالها و أنماطها في بعض الحالات بإختلاف و تنوع الموروث الثقافي لدي مكونة إجتماعية بعينها دون غيرها .
فظاهرة العبودية علي سبيل المثال المقيتة و المدانة و المجرمة وطنيا و دوليا . 
والتي سادت و عمت مناطق و شعوب العالم دون إستثناء تم تجاوز مآسيها و مخلفاتها داخل بعض البلدان المتقدمة علي مراحل متفاوتة و بشكل تدريجي و نهائي من خلال تجريم الممارسة و إنصاف الضحايا و عبر مصالحات و تفاهمات وطنية أيضا .
ظهرت داخل مجتمعنا  برمته كممارسة دنيئة و ظالمة في حق الإنسان أو بني آدم علي الأصح الذي كرمه و فضله الله تبارك وتعالي علي كثير من خلقه كما جاء في الآية الكريمة من سورة الإسراء ( و لقد كرمنا بني آدم و حملناهم في البر و البحر و رزقناهم من الطيبات و فضلناهم علي كثير ممن خلقنا تفضيلا ) صدق الله العظيم .
نجد بقايا رواسبها و مخلفاتها لدي كل مكونات المجتمع الموريتاني  ،
إلا أنها لدي بعض مكونات الزنوج أخذت أنماطا و أشكالا و صورا و أساليب بشعة و خطيرة مقارنة بما كان يحصل لدي مجتمع البيظان وصلت لدرجة تجهيز مقابر خاصة للأسياد و عوائلهم و أخري للعبيد .
الشئ الذي ظل في حالة وضع صامت لا ينبغي التحدث أو الكلام بشأنه أو إثارة  دعاة مناهضة العبودية له أو منظمات حقوق الإنسان التي تنشط بشكل مستمر في المجال الحقوقي و علي نحو واسع داخل الوطن ،
في محاولة لطمس الحقيقة و توجيه اللوم و العتاب بدرجة أقل لمكونة الزنوج دون مكونة البيظان .
و هو ما يؤكد عدم سلامة و شفافية و نزاهة و صدق عمل الجمعيات الحقوقية الناشطة في مجال حقوق الإنسان  ،
فمن شأن هذا التمايز و التباين في الطرح أن يهيئ الأذهان و يمهد السبل لتسويق و ترويج الشائعات و الأكاذيب المضللة و الإفتراءات المفتعلة  بقصد الإضرار بسمعة مجتمع البيظان . 
في الوقت الذي يتم فيه رفع الشبهات عن مكونات الزنوج ..
و إن كان ذلك لا يبرر إطلاقا ما موريس في السابق داخل أوساط البيظان من عبودية و ظلم و سطو و غبن و تهميش و تعذيب و إغتصاب..الخ
و بشكل فظيع و فاضح ضد شريحة لحراطين و ما يضاهيها من فئات ضعيفة طالها الغبن و التهميش و الظلم كآزناكة و غيرها .
مما كان له الأثر الكبير في تجهيل و تفقير و تجويع أبناء هذه الشرائح،
و خاصة في ظل غياب المساواة و إتساع نفوذ القبيلة قبل قيام الدولة المركزية و تقاعس و انبطاح نخبنا الوطنية و الرغبة الجامحة لديهم من أجل التربح علي كاهل المواطن البسيط جشعا و علي حساب القضايا الوطنية العادلة .
مما جعلنا اليوم نعيش هذا الواقع و الوضع الإنساني المر ،
و نتناقض مع أنفسنا في كل الأحوال و الأوقات و المناسبات
نتيجة إزدواحية المعايير في التعامل مع القضايا الإنسانية و الحقوقية، 
و التباين في الطرح و المقاربات و التعمد إلي الخلط بين العمل السياسي و الحقوقي .
في الوقت الذي نجد فيه بعض النواب و النشطاء في مجال حقوق الإنسان يصفون أنفسهم بالمعارضة قد تجاوزوا كل الخطوط الحمراء يتصرفون كأنهم فوق القانون ،
يثيرون النعرات و الفتن و يعملون علي التحريض و نشر الكراهية و تشويه سمعة الوطن من خلال تدويل قضية العبودية بشكل كاذب و مضلل و منافي للواقع و يصفون البلاد بنعوت كاذبة و مخالفة للحقيقة من قبيل دولة لابارتايد 
بقصد الإساءة و تحقير مجتمع البيظان و الإضرار بسمعة الوطن ،
يأتي ذلك في سياق عمل ممنهج يهدف إلي إحداث و خلق حالة من الفوضي الهدامة و الإنقسام الداخلي و الخروج علي دعائم الوحدة الوطنية .
يتصرفون وفق آجندات خارجية و علي نحو لا يخفون فيه أنهم رعاة لخلفية سياسية تعكس رغبة و ميول حركة افلام الإنفصالية العنصرية ، 
يتشدقون في كل مناسبة بأنهم حماة الشعب ،
و الأمر ليس كذلك .
بعد أن أنكشفت حقيقتهم ،
فالنية السيئة تحيق بصاحبها لقوله تعالي ( و لا يحيق المكر السيئ إلا بأهله ) صدق الله العظيم .
في حين يتقاضون رواتبهم بإنتظام مدفوعة من أموال الشعب دون وجه حق و هم في حالة غياب دائم غير مبرر .
إما لسفريات خاصة نحو أوروبا أو جولات خارج البلاد معظمها وقفات مضللة و مسيئة للتهجم علي الوطن من أمام البرلمان الأوروبي ،
صحيح معارضة النظام الحاكم حق يكفله الدستور ،
لكن معارضة الوطن و تشويه سمعته و الوقوف ضد أمنه و إستقراره بالتباكي علي طرد و ترحيل مهاجرين غير شرعيين من أرض الوطن نحو بلدانهم الأصلية وفق الإجراءات التي أقرتها إتفاقيات و معاهدات الأمم المتحدة بهذا الصدد . 
و هو ما يعد خيانة عظمي .
الوطن فوق كل إعتبار !!
بالمقابل ثمة حقوقيون وقادة فكر و رأي و رؤساء أحزاب وطنيون حتي النخاع ناضلوا بإستماتة منذ عقود طويلة في هذا المجال ،
و خدموا قضية العبودية بكل مسؤولية و وطنية و من مواقع متباينة و مختلفة .
كان لهم الفضل فيما تحقق بشأنها من مكاسب و حقوق و قوانين مؤطرة لها .
حيث قامت السلطات الموريتانية بإنشاء محاكم خاصة للنظر في جرائم العبودية و الإسترقاق من أجل القضاء علي آثار و مخلفات ممارساتها ،
وهي خطوة هامة غير مسبوقة للقضاء علي هذه الظاهرة المقيتة و رفع الظلم عن ضحاياها ،
بالتأكيد لسنا مسؤولين عن ممارسات العبودية في الماضي ،
بقدر ما نحن مسؤولون و مدعوون كل من موقعه للتخلص من رواسبها بشكل أو بآخر و محاربتها و عدم التستر علي مرتكبيها و الوقوف إلي جانب ضحاياها و رفع الظلم عنهم و تمكينهم من تبوئ مكانتهم المستحقة و اللائقة داخل المجتمع دون مزايدة .
ولا يتأتي ذلك إلا عن طريق التمييز الإيجابي الهادف و المنصف من الدولة ، و هو ماتم بالفعل عبر إستحداث و إنشاء مندوبية خاصة بهذا الشأن بتوجيه مباشر من فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني  ،
من المفروض أن تذوب فيها حالات الغبن و التهميش و الظلم الإجتماعي....الخ
و هو ما تجلي في مئات العائلات والأسر الهشة ممن أستفادوا مجانا من التغطية الصحية و التقسيمات النقدية في كل الأوقات و المناسبات و الدعم المادي للتعاونيات و التشاركيات التي تنشط بشكل جماعي مدر للدخل ،
إضافة لولوج العائلات الضعيفة إلي السكن المجاني اللائق بمواصفات و معايير مدنية و حضرية وسط أحياء تتوفر علي كل مقومات الحياة ماء و كهرباء  و منشآت صحة و تعليم و أسواق...الخ
و هي خطوة تذكر فتشكر في إتجاه تمكين أبناء هذه الفئات عديمي الدخل من الإستفادة من الخدمات الصحية و الإجتماعية ،
تحت مسمي مندوبية تآزر ،
دون ان نتجاهل ما للتكافل الإجتماعي و العلاقات الإجتماعية بين أطياف المجتمع من دور بارز في التخفيف من وطأة أعباء الحياة .
في الوقت الذي ظهرت فيه أنماط و أشكال جديدة و معاصرة من العبودية أكثر خطورة من سابقاتها أستهدفت طبقات العمال الكادحة و أمتصت جهودهم و قوتهم الفكرية و البدنية و أضرت عوائلهم و أرغمتهم علي العيش في البؤس نتيجة غطرسة و ظلم الإدارة و غياب العدالة الإجتماعية و جشع رجال المال و الأعمال و إكراهات الحياة حصل ذلك نهارا جهارا و بمسميات مختلفة عمال غير دائمين أو مؤقتين يتقاضون أقل الرواتب مقابل أعمال شاقة دون الحصول علي أبسط الحقوق في الترسيم أو التأمين الصحي  أو الإستفادة من العلوات....الخ ،
قبل القرار الأخير التاريخي و الشجاع الذي تبناه فخامة رئيس الجمهورية ،
و الذي شمل ترسيم عمال الشركة الموريتانية للكهرباء غير دائمين و البالغ عددهم أكثر من 900 عامل من مختلف التخصصات 
إلي جانب تسوية وضعية 1865 متعاونا في مجال الإعلام في إنتظار أن يشمل القرار قطاعات حيوية أخري. 
بهدف تعزيز الإستقرار الوظيفي و تحقيق العدالة الإجتماعية و الدفع بمختلف فئات العمال للمساهمة بشكل فعال في بناء و تنمية البلد.
إن حالات الإساءة و تشويه صورة الوطن التي جاءت من وراء الحدود  لا تخدم القضايا الوطنية العادلة و لا تبني وطنا  ،
فالسياسة الرشيدة لا تؤسس أو تبني علي الصخب و لا علي الإرتهان علي آجندات الغير و خاصة ممن لا يحب الخير و الإستقرار للوطن من دعاة التفرقة و الفتنة و الإنفصال ،
بدل الوفاء للوطن و الشعب. 
فمن يتوهم أن رفع الصوت عبر المنابر البعيدة سيمنحه قوة
سيكتشف في النهاية
أنما يعزل نفسه عن محيطه الطبيعي و يخسر الداخل قبل الخارج .
ما نحتاجه اليوم أكثر من أي وقت مضي هو سماع بعضنا البعض و إغتنام فرصة الحوار الوطني المرتقب الذي سبق و أن تعهد به فخامة رئيس الجمهورية و أعطي كل الضمانات بشانه حيث أكد خلال جولته الأخيرة بالحوض الشرقي بأنه سيكون حوارا شاملا و جامعا دون قيد أو شرط  ،
ينبغي أن يؤسس لمرحلة جديدة من البناء و الإنسجام و الوئام و التعاطي الإيجابي ،
حوار مبني علي المصارحة و المكاشفة و معالجة  كل الإختلالات و الإشكالات و مواجهة القضايا الوطنية العالقة بالحلول لا بالتجاهل و النكران ،
و تقديم التنازلات المؤلمة من أجل مصلحة الوطن و ذلك بتغليب منطق المواطنة الصالحة و المخلصة علي تراهات المصالح الضيقة .
و ردم الهوة التي أنشأت بين مختلف مكونات المجتمع .
كما نحتاج أيضا إلي تقريب التباعد و بث رسائل التقارب و التصدي بكل قوة و حزم لما نلاحظه من حين لآخر من داخل  البرلمان وفي الشارع و عبر منصات التواصل الإجتماعي التي أضحت وسيلة للتخاصم في قضايا الوطن و ملاذ آمن للعنف اللفظي و نشر خطابات الكراهية و التحريض العنصري و إثارة النعرات العرقية ،
و إستهداف الوطن و تشويه سمعته دوليا  و الإستثمار بشكل خاطئ في خطابات المظلومية و التمييز بين مكوناته
 بشكل لا يخدم أمن و إستقرار الوطن ،
و لا التعايش الأهلي السلمي .
و ضرورة تدارك الوضع قبل فوات الأوان .
و العمل سويا بغية فرض هيبة الدولة بالعدل و القانون علي نحو يعزز قيم الولاء و الإنتماء للوطن ويقوي اللحمة الوطنية و يكرس دولة المواطنة و المساواة و يحقق العدالة الإجتماعية و يجسد التقسيم العادل للثروات بشكل تعم فيه الرفاهية و تذوب فيه كل الفوارق الإجتماعية.
في الوقت الذي يجمع فيه كل المحللين و المراقبين للشأن الوطني علي ضرورة تهيئة الأرض المناسبة و الظروف الملائمة للتعايش المشترك بين مختلف مكونات المجتمع.  من أجل الأجيال القادمة .
تأسيسا لما سبق فإن ما يجمعنا هو ثوابت و قيم وطنية و دينية  و أصول ثابتة تندرج ضمن روابط و قواسم كبيرة مشتركة وجامعة .
في حين يبقي ما يفرقنا هو حالات فرعية و خلافات آنية عابرة و قضايا تم تدويلها و تضخيمها و توظيفها بشكل سيئ و خاطئ أساء للوطن و خدم آجندات خارجية تتربص بوحدة و إستقرار البلد و النيل من ثوابته الوطنية . 
لكن هيهات!!!

حفظ الله موريتانيا

أربعاء, 03/12/2025 - 15:02