مساحة إعلانية

     

  

    

  

الفيس بوك

الفنانة الكبيرة المرحومة آماش بنت اعمر تشيت لون غنائي فريد وعزف لآردين لا مثيل له/بقلم: اباي ولد اداعة

كانت الفنانة العظيمة آماش بنت أعمر تشيت رحمها الله ،
أيقونة في الفن التقليدي الموريتاني و رمزا للزمن الجميل و الأداء الأصيل ،
شقت طريقها نحو التألق و الشهرة من داخل محيط فني عريق يعشق الفن و يقدره ،
له حضور قوي داخل المشهد الفني ،
حيث يندمج الإبداع مع الثقة و التأثير ليصنع فنا لا ينسي و شخصية لا يستهان بها .
واكبت قيام الدولة المركزية و أشتهرت بصوتها الشجي و الحنون الذي يجلب الراحة و يذكرنا بأشياء جميلة و يثير الحنين ،
و تميزت بعزفها المبدع علي آلة آردين الوترية ( آلة موسيقية نسائية تقليدية ) تحكي قصص مجالس الطرب مما أعطاها صوتا مميزا و عميقا ،
غنت أغاني خالدة في المديح النبوي الشريف و للمجتمع الحساني و في الحب و الشوق و الفخر و الإنسان و الأرض و الطبيعة ،
كيف لا و هي إبنة بيئتها الحوض الغربي ؟! 
حيث مضارب الخيام و سهول و جبال منطقة أفلة الجذابة التي تقع بين الحوض الغربي و لعصابة و تكانت في مثلث خصب يزاوج بين الهضاب و السهول و القيعان و بين التربة الخصبة و الصخور ،
و ما ترسمه هذه المنطقة عادة من ملامح خريف ماتع في ظل أجواء مليئة بالمرح و السعادة مع بداية كل موسم خريف .
عندما تكتسي أرضها باللون الأخضر و تلف السحب البيضاء هضابها الشامخة لتشكل مناظر طبيعية خلابة .
علي نحو تجعل العيون تتعطش لهذه اللحظات الساحرة .
مشهد أعتاده زوار و ساكنة المنطقة في مواسم الخريف و ألفته المرحومة و أرتبطت به أيما إرتباط بالإبداع و الغناء فيه و التعاطي من خلاله مع لشوار ، 
و هو ما جعلها تعتبر رمزا للتراث الفني الأصيل الذي ربط الحاضر بالماضي ،
حيث كانت ألحانها جزءا من الذاكرة الروحية للموريتانيين .
رافقت عمالقة الأدب الشعبي مما أكسبها مكانة خاصة مثل المرحوم العميد محمدن ولد سيدي ابراهيم ، والمرحوم بوكي ولد اعليات، وكذلك المرحوم ساليمو ولد اعيدو. 
ساهمت معهم في انعاش و تقديم برامج إذاعية و تلفزيونية هادفة مافتئت تقدم المفيد في التراث و الأدب الشعبي و تربط المستمع بجذوره و بعبق ماضيه وتعمق الفخر بالوطن و تعزز الروابط الإجتماعية من خلال أحياء التقاليد المشتركة و إبراز الموروث الشعبي ،
خطوة هامة في إتجاه الحفاظ و حماية الهوية الثقافية أنذاك و تعزيز الإنتماء و نقل القيم و التجارب بين الأجيال من خلال سرد القصص و حكايات الموروث الشعبي و الموسيقي و الفنون و التعريف بالقيم المجتمعية و بمناطق و جهات الوطن ،
وتوسيع الوعي المجتمعي بطريقة جذابة و مباشرة تصل جميع شرائح المجتمع   و هو ما تجسد فيما بات يعرف بحكايات من التراث علي نغمات آردين عبر أثير الإذاعة الوطنية ،
تتخللها وصلات غنائية أصيلة للمرحومة آماش ،
في تآلف و تناسق بين الكلمة و النغمة من جهة و الحكاية من جهة أخري .
أصبحت جزءا من الغذاء الروحي للمجتمع .
لذا ساهمت هذه البرامج الإذاعية الهادفة حينها في تشكيل وجدان المستمع و تزويده بالمعرفة اللازمة و المحببة له 
مما جعلها أداة قوية للتغيير الإيجابي و التطور المجتمعي المستدام. 
إلا أنه خلال السنوات الأخيرة لوحظ تراجع الدور التقليدي للإذاعة و التلفزيون أمام التحول الرقمي الذي شهده العالم ،
حيث أدي ظهور ما سمي بالإعلام البديل الإنترنت و منصات البث المباشر و وسائل التواصل الإجتماعي....الخ ،
إلي تغيير جذري في عادات الجمهور الذي أصبح يفضل إختيار ما يسمعه و يشاهده وقت ما شاء حسب الرغبة .
بدلا من الإعتماد علي جداول و برامج بث ثابتة .
في ظل التغييرات الحاصلة علي مستوي المفاهيم إلي جانب تراجع القيم المجتمعية. 
تأسيسا لما سبق ظلت تسجيلاتها الغنائية القديمة تبث بعد رحيلها من حين لآخر ويتم تداولها بين الناس من عشاق الفن الأصيل و الموروث الشعبي الجميل مما أبقي فنها حيا تحمل نغماته عبق الماضي التليد ،
 و يعيد إحياء التراث و القيم و التقاليد لدي الأجيال الصاعدة 
لتظل إسما لامعا في سجل موسيقانا التقليدية ،
بالمختصر المفيد تعتبر الفنانة الراحلة آماش رحمها الله رمزا لتراث حي ينبض بالمشاعر المجتمعية و الوطنية. 
مؤكدة أن الفن هو ذاكرة الوطن و المجتمع .

نسأل الله لها الرحمة و المغفرة 
بقدر ما أطربتنا قبل و بعد رحيلها .
 

 

أحد, 14/12/2025 - 07:36